هل نحن نعيش عصر ما بعد الإنسان

بالتأكيد نحن على أعتابه شئنا أم أبينا..

جسد الإنسان لم يعد بيولوجي فقط – لم يعد لحما فقط..و أنما دخلت فيه نسبة كبيرة من الآلات و المواد المخلقة – و هذه بعض الأمثلة

الأطراف الصناعية: توصل العلم إلى أن يستخدم علم الروبوتات في تصنيع أطراف صناعية يستخدمها الإنسان في حالة البتر. الطرف الصناعي متصل عصبيا بمراكز المخ المسؤولة عن الحركة – و الفكرة العبقرية هي تحويل الإشارات العصبية (البيولوجية) القادمة من المخ إلى إشارات رقمية (فيزيائية) تذهب إلى الطرف الصناعي في صورة أوامر للحركة (ميكانيكا). طالما توصلنا إلى إمكانية هذا التحويل، إذن لا مشكلة بالمرة أن نطبق نفس الطريقة لتسجيل الذكريات، أو لتسجيل الصور التي تشاهدها العين

العين الصناعية: نفس التقنية و لكن بالعكس – أن العين تحول الإشارات الرقمية القادمة من العالم الخاخرجي إلى إشارات بيولوجية. حاليا، هذه العين لا تعطي صورا دقيقة – و إنما تعطي حدودا فقط تجعل الشخص الذي فقد بصره لا يعيش في ظلام دامس – و لكن البحث يجري لكي يتم تحويل الإشارات القادمة إلى صورا دقيقة يمكن تخرينها

الأذن الصناعية: هذه التقنية موجودة – و هي تعمل بنفس الشكل المذكور أعلاه

منظم ضربات القلب

دعامات القلب

مسامير و شرائح العظام – تركيبات الأسنان

البحث جار علي قدم و ساق لتصنيع بنكرياس صناعي يستخدم في حالة مرض السكري النوع ١

و أكثر من ذلك، فإن الطب اليوم يستطيع أن يغير من تركيبة جسم الإنسان..فمثلا:

الهندسة الوراثية: اليوم نعرف الكثر عن خريطة جينات الكائنات الحية..و هذا يساعدنا في حالات الأسر التي تنتشر فيها الأمراض الوراثية أن ننتقي بويضات أو حيوانات منوية لا تحتوي على الجينات المسببة للمرض المتوارث – ثم نزرع البويضة الملقحة السليمة في رحم الأم. نستطيع فحص الأشخاص و تحديد نسب إصابتهم بالأمراض بحيث يستطيعوا أن يتخذوا إجراءات وقائية

التطعيمات: غيرت خريطة المناعة لدى الإنسان – هناك أمراض اختفت من العالم بسبب وجود التطعيمات

التجميد: هناك عمليات كثيرة يتم إيقاف القلب عن العمل – و تجميد الجسم حتى تنتهي العملية – و أحيانا لا نحتاج التجميد، فعمليات نقل القلب يتم إيقاف القلب الذي سيتم استبداله، ووضع الجسم على جهاز صناعي حتي يتم زرع القلب الجديد. و أزيدكم من الشعر بيتا – هناك في بعض الأحوال يتم زرع جهاز يقوم بالدورة الدموية..يعني الشخص حيا و لكن لا يكون له ضربات قلب! أينعم هذه التقنية لا زالت في البداية حيث يكون الجهاز المزروع متصلا بجهاز آخر خارجي أكبر – و لكن…انظر إلى أين وصلنا….

نقل الأعضاء: نستطيع نقل جزى من كبد شخص حي أو رئة أو كلية – و نستطيع نقل أي عضو من جسد متبرع متوفي – و نستطيع نقل صمامات القلب من الخنازير و الأبقار (أحد تطبيقات نظرية التطور التي لا يحب البعض الاعتراف بها مع أنهم يعيشون تطبيقاتها) و هذا بسبب التطابق في الجين المسؤول عن أنسجة هذه الأعضاء ما بين هذه الحيوانات و الإنسان. نفس الشيء بالنسبة للجلد في حالة الحروق الشديدة. هذا العام ستتم لأول مرة في التاريخ عملية نقل رأس شخص مصاب بشلل كامل إلى جسد متبرع متوفي

هذه التقدم في عملية نقل الأعضاء سيقود بشكل أو آخر إلى عملية نقل المخ – و بالتالي..منع الموت بنسبة كبيرة. نعم هذا ليس خيالا علميا..جسم الإنسان يموت عندما يتوقف المخ عن العمل. و المخ يتوقف إما لأنه هو شخصيا خلاياه قد شاخت و أصبحت غير قادرة على الاستفادة من الغذاء و تصريف السموم – أو بسبب فشل الأعضاء الأخرى من الجسم أن تقوم بتوريد الدم و الغذاء و تصريف السموم. إذن لو نقلنا المخ الصحيح من الجسد العليل لجسد آخر صحيح ما الذي سيحدث؟ و إذا توصلنا لعمل هذا، هل يجب أن يكون الجسد الجديد جسدا بيولوجيا أم ممكن أن يكون جسدا مصنعا؟ (نفس التقنية المستخدمة في الأطراف الصناعية و لكن على مستوى الجسم كله)

في الحقيقة نحن فعلا نعيش عصر ما بعد الإنسان – شئنا أم أبينا – هذا يحدث. التقدم الطبي الذي وصلنا إليه فعلا فعلا فعلافعلا…. يجعل من العيب أن نصدق أسطورة الخلق من طين…قصة ساذجة طفولية بلهاء

بدلا من أن نظل ندافع عن أساطير الأولين، علينا أن نفكر ما هي تبعيات هذه التقنيات، التي تحدث و ستحدث شئنا أم أبينا..

هناك تبعيات أخلاقية – هل ننتقي الأجنة ذات الجينات الجيدة و نقتل الأجنة ذات الجينات السيئة؟ هل سيحدث احتكار لهذه التقنيات؟ هل ستكون متاحة للأغنياء فقط؟ هل ستكون سببا في الحروب مثلما النفط سبب للحروب؟ هل سيتم إساءة استخدامها مثلما أُسيء استخدام الطاقة النووية؟

أشياء كثيرة علينا أن نفكر فيها بدلا من تضييع الوقت في الهراء

زرقاء اليمامة

أضف تعليق