رتقا ففتقناهما

هل تمدد الكون او ما يعرف دارجا بالانفجار العظيم مذكور في القران؟

يدعي الاعجازيون ان الايه ٣٠ من سوره الانبياء التي تقول

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ

تتكلم عن الانفجار العظيم – حيث ان الفتق و هو الانفصال عكس الرتق و هو الالتحام – و بالتالي السماء و الارض كانتا ملتصقتين ثم انفصلا – و هذا يتطابق مع الانفجار العظيم

قبل ان ابدآ بشرح لماذا هذا الكلام غير صحيح احب ان اذكركم بمعني تمدد الكون. كلمه انفجار هي فقط كلمه دارجه و للاسف مضلله – فلم يحدث انفجار عند بدايه نشأه الكون.  كان هناك كتله صغيره متناهيه الصغر عاليه الطاقه و الحراره و الكثافه. و عندما بدات درجه حراره هذه النقطه بالانخفاض اخذت في التمدد مما ادي الي ظهور عنصري الهيدروجين و الهيليوم – اللذان اديا بدورهما الي ظهور النجوم ثم الكواكب..يعني ان ما حدث هو تباين في درجه الحراره و الجاذبيه مما ادي الي تكتلات أنشأت كل شيء علي مراحل منبثقه من بعضها البعض

solar system formation
كيف تكونت المجموعة الشمسية
BHTimelineTED_forPrint_110426
مخطط زمني لنشأة الكون

و الان دعونا نسرد الايات القرانيه المتعلقه بنشأه الكون او بالخلق كما يسميه القران. من غير المنطقي ان نمسك ايه واحده (كانتا رتقا ففتقناهما) و نترك باقي الايات التي فيها شرح مفصل. لا بد ان ننظر لجميع الايات لكي نكون استنتاجا متكاملا و متسقا

وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ق ٣٨

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ السجده ٤ (هذه الايه مكرره في هود ٧ الاعراف ٥٤ يونس ٣ الفرقان ٥٩ الحديد ٤ وهي مكتوبه في ذيل المنشور)

“قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ – وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ – ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ – فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ” فصلت ٩ -١٢

“أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا – وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا” نوح ١٦ (مكرره في البقره ٢٩ الطلاق ١٢ و هي مكتوبه في ذيل المنشور)

تصور القران لنشأه الكون لا علاقه له بالمره بتمدد الكون للاسباب التاليه:

١- تصور الخلق في القران ينص علي ان عمليه الخلق قد تمت و انتهت و ان الله قد استوي علي العرش بعد ان احكم كل شيء – هذا التصور واضح جدا في الايه ٤ من السجده – الله خلق السماوات و الارض و ما بينهن ثم استوي علي العرش. و هذا ليس ما ينص عليه تصور تمدد الكون. فالكون لم يتكون بالشكل الحالي مره واحده – بل علي مراحل لا زالت مستمره – فلا زالت هناك نجوم تولد و الكون غير مستقر. فهل الخلق انتهي و الله استوي علي العرش؟ من اذن الذي يخلق النجوم الجديده؟ ام هل لم ينته الخلق و لا زال مستمرا؟ اذن هل لم يستو الله علي العرش و هل هذه الايه خاطئه؟

٢- تمدد الكون ينص علي انه في البدايه لم يكن هناك اي شيء له شكل او كيان – فقط كان هناك كتله صغيره متناهيه الصغر عاليه الطاقه و الحراره و الكثافه. تباين الحراره و الكثافه هو ما ادي الي نشوء الجاذبيه و بالتالي اقتراب الذرات من بعضها البعض لتكوين الاجرام. اذن البدايه كما تقول النظريه تختلف عن البدايه المذكوره في ايه كانتا رتقا ففتقناهما -و هي وجود سماء و ارض بكينونتهما – هما فقط في حاله التحام. و الدليل علي هذا استعمال التصريف المثني لكلمه فتق – بمعني ان الشيئين كانا موجودين بذاتهما

٣- الفتق في اللغه معناه الشق او الفتح و هو شيء مختلف تماما عن التمدد الذي تطرحه النظريه – و الرتق الذي يعني الالتصاق شيء مختلف عن تركز المادة في البدايه الذي تطرحه النظريه

لا يوجد فتق اصلا و لا انفجار – الموضوع عباره عن تغير في الحراره و الجاذبيه ادي الي تكتل الغازات سويا

٤- القران يدعي ان الله خلق الكون من لا شيء – فهو خلق السماء و الارض و كل شيء من لا شيء و هذا ليس ما تقوله النظريه. تمدد الكون يقول ان هناك نقطه بدايه و ليس لا شيء. و ان الاجرام الكونيه منبثقه من بعضها البعض..اكثر ما يثير الشفقه عندما يسخر كهنه الدين من العلم و يدعون ان العلم يقول انه في البدايه كان لا شيء ثم انفجر. العلم لم يقل ان البدايه كانت لا شيء – الخلق هو الذي يقول هذا منافيا بهذا مبدأ ان الطاقه لا تفني و لا تستحدث من العدم. و طبعا العلم لم يقل ان هناك شيء انفجر كما وضحنا

٥- تفاصيل الخلق الموجوده في ايه سوره فصلت تنص علي ان هناك تسلسل – الارض خلقت في يومين – ثم جيولوجيا الارض في اربعه ايام – ثم السماوات في يومين.ثم ايه سوره نوح تقول انه بعد تسويه السماوات السبعه خلق الله الشمس و القمر. طبعا هذا الترتيب غير صحيح بالمره لانه يقول ان الارض هي اقدم شيء في الكون – قبل المجرات و قبل الشمس و قبل كل شيء في السماوات. و هو ايضا لا يذكر شيء عن المجرات و المجموعات النجميه – و يفترض ان السماوات و الارض و الشمس و القمر اشياء منفصله بذاتها في حين انها في الواقع منبثقه من بعضها البعض (فالقمر مثلا هو جزء انفصل من الارض و لم ينشا مستقلا بذاته)

٦- كيف نوفق ما بين الايام السته (او الثمانيه) المذكورين في القران و هي فتره خلق الكون و بين ما نعرفه عن تاريخ تكون الكون؟ لا تنس اننا قلنا ان الكون لا يزال في تطور مستمر يعني الخلق المفترض انه لم ينته – فاليوم عمر الاجرام و المجرات الموجوده حاليا ١٣.٧ مليار سنه – المفترض ان هذا الرقم يكافئ الايام السته (او الثمانيه) – طيب و ماذا عن بعد مليار سنه؟ الكون سيكون له شكل مختلف تماما و ستكون هناك اجرام جديده – فسيكون عمر الكون ١٤.٧ مليار سنه. هل سنقول ان الايام السته اصبحت تكافئ الرقم الجديد؟ و كيف نوفق ما بين كل هذا و ما بين الرقم الذي نصل اليه اذا حسبنا تسلسل الانبياء منذ ادم و حتي محمد (عن طريق افتراض عمر تقريبي لكل نبي) و هو بضعه الاف (ما بين ٦٠٠٠-٨٠٠٠)؟ اللانسان بشكله الحالي ظهر علي الارض منذ حوالي ٢٠٠،٠٠٠ سنه فماذا نفعل في هذا الفرق؟ و كيف نوفق بين كل هذا و بين ايه سوره ق التي يتفاخر فيها الله انه خلق الكون في سته ايام و لم يمسه لغوب يعني تعب؟ المفروض ان التعب يصيب الانسان عندما يقوم بمجهود ضخم في وقت قليل و ليس في وقت طويل و علي مهل. اذن هو اما لم يقصد ان وقت خلق الكون مليارات السنين او انه يقول كلاما فارغا لمجرد الاستعراض

٧- تمدد الكون يقول ان الغبار النجمي قد نتج عنه الكائن الاولي علي الارض و الذي انحدرت منه جميع الكائنات الحيه كما يقول علم التطور – و هذا يعني ان تمدد الكون يؤيد التطور الذي ينفيه القران حيث يؤكد علي ان الانسان تم خلقه علي الشكل الحالي و انه لم ينحدر من اي كائن اخر

٨- احد مراحل الخلق هي خلق السماء و هي دخان – العلم يقول انه لا توجد سماء بالمعني الذي يصوره القران انها سقف رفعه بدون عمد و انه يمسكه لكي لا يقع علي رؤوسنا – فضلا عن السماوات السبعه التي يدعيها القران. و الدخان المذكور ايضا لا اصل له في تصور تمدد الكون – الدخان ينتج عن الحريق و هو شيء مختلف عن الغبار النجمي الذي ينتج عن موت النجوم

٩- القران يصور الكون ان كل شيء فيه قد خلقه الله بقدر و ان كل شيء يجري في فلك يسبحون – مما يوحي ان الكون منتظم و لا يحيد عن مجرياته التي وضعها الله. و هذا ينافي تماما تصور تمدد الكون – حيث ان المسافات بين المجرات بعضها البعض و الاجرام و النجوم جميعها تتغير – جميع القياسات الموجوده حاليا ليست ثابته كما يدعي القران

التصوران مختلفان تماما و لا يمكن التوفيق بينهما – هذا بالاضافه الي بدائيه تصور الكون في القران. اصلا لا توجد سماء و لا يوجد ارضين سبعه – و الكون اعقد بكثير من الارض و الشمس و القمر و النجوم التي هي رجوما للشياطين. و السماء التي لا بروج قالوا عنها انها قصور او النجوم او القمر (العلم لا يوجد فيه او – فيه اشياء محدده و قاطعه). و السماء التي تتكلم و تقول اتيت طائعه

الحقيقه ان ايه كانتا رتقا ففتقناهما لا تتكلم بالمرة عن نشاه الكون و انما هي لها التفسيرات التاليه:

الاول هو كانت السماء رتقا لا تمطر والأرض رتقا لا تنبت ، ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات – فهنا الايه تتكلم عن ظاهرة المطر و النبات و هذا يتسق مع النصف الثاني من الايه (و جعلنا من الماء كل شيء حي)

الثاني كانت السموات مرتقة طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبع سماوات ، وكذلك الأرض كانتا مرتقة طبقة واحدة فجعلها سبع أرضين – و هذا ما يتفق مع باقي ايات القران و لكنه يختلف مع العلم – فلا توجد سبع سماوات و لا واحدة حتي

اما ايه انا لموسعون طبعا لا تتكلم عن تمدد الكون و توسعه – موسعون بكسر السين و بدون شده مشتقه من السعه يعني القدره او الاستطاعه – فالايه هنا الله يستعرض فيها قوته كعادته في القران. يمكنك الرجوع الي اي معجم عربي لتتاكد من هذا المعني. لو كان يريد الكلام عن تمدد الكون لقال موسعون بتشديد السين و كسرها

و الجدير بالاشارة هو ان الاصرار علي جعل الايه تتكلم عن نشاه الكون يؤدي الي انها تتسق مع التصور القديم للكون في الاساطير القديمه و ليس التصور العلمي:

ان الاله الذي اخرج كل شيْ نافع – الاله الذي لا مبدل لكلماته – انليل الذي انبت الحب و المرعي – ابعد السماء عن الارض و ابعد الارض عن السماء (سومريه)

ثم بدأ مردوخ يعمل من جسد تيامة الهامدة الكون فبدأ بالسماء – فشقه الى اثنين مثل سمكة مجففة – ونظم نصفه و سقف به السماوات (كنعانيه)

١

بعد ان اتحدت السماء بالارض انجبتا عددا من الالهه الصغار الذين كانوا يعيشون في ضيق و ظلمه فقرروا التمرد بقيادة الاله تاني الذي رفع السماْ بقوة ذراعيه حتي استقرت مكانها (نيوزيلنديه)

و في الاساطير المصرية ورد ان اله الارض جيب كان في حالة اتحاد مع الهة السماء نوت و قد تزوجا سرا بلا اذن من كبير الالهة رع , فارسل اليهما هذا الاخير اله الهواء شو الذي فصلهما عن بعضهما عنوة , و هو منذ ذلك الوقت يدوس بقدمه على جيب و يرفع نوت بذراعيه (الصورة التي على رأس المنشور تعبر عن هذه الأسطورة)

و في الاساطير الاغريقية نقرأ ان الهة الارض جيا تلد اله السماء اورانوسو، يعني كان جزء منها ثم انفصل. و قد اتحدت معه بعد ذلك لتلد باقي الآلهة و الكائنات

و حتي لو افترضنا جدلا ان التصاق السماء و الارض هو تشبيه – اذن السبق هنا يجب ان يذهب الي هذه الحضارات و ليس للقران – اليس كذلك؟ المعجزه هي ان التشبيه جاء في كتابات هذه الحضارات قبل ان يتوصل العلم الي التوصيف الدقيق – القران جاء بعدهم بوقت طويل فلا يوجد سبق يمكن نسبه للقران

كلمة أخيرة

لا تسلم عقلك لاي احد – اقرا ما يقوله العلم من مصادر علميه و ليس من كتابات الشيوخ و الاعجازيون – اجمع ايات القران المتعلقه باي موضوع كما فعلت انا و قارنها بالعلم. و حاول ان تتذكر ان العلم لا يعني كلمه مبهمه غامضه زئبقيه يمكن تأويلها بعشرات التفاسير. العلم يعني وضوح و قطعيه و دقه في عرض المعلومه. هناك اوراق علميه كثيره جدا يتم رفضها بسبب عدم الوضوح – فهذا هو اقل ما نتوقعه من كلام المفروض انه من رب هذا الكون

و اخيرا اسال نفسك – ماذا سنفعل لو ثبت ان تصور تمدد الكون ليس صحيحا؟

باقي ايات خلق الكون

;وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ” هود ٧

“إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ” الاعراف ٥٤

“إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ” يونس ٣

“الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ” الفرقان ٥٩

“هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ” الحديد ٤

“هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ” البقرة ٢٩

“اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ” الطلاق ١٢

1 Comments

  1. أولاً أردت أن أبدي إعجابي بالعمل المبذول هنا

    ثم أردت أن أطرح رأيي وهو أن السماوات السبع هي عبارة عن أكوان موازية لا نعلم عنها شيئاً – وما ذاك لتأثرٍ بابن عباس – فهذا ما دار في خلدي حين سمعت أن السماء تئط من الملائكة

    فلا أعلم ما مدى منطقية هذا الافتراض ، لكني أظنه مشاكلاً لفكرة الكائنات الفضائية والثقوب السوداء ، فلا زال هناك الكثير مما لا نعلمه عن هذا الكون !!

    Liked by 1 person

    رد

أضف تعليق