هل نزل الحديد من السماء

لكي نجيب على هذا السؤال علينا أن نفهم كيف تكونت المجموعة الشمسية و من ثم الأرض

بدأ تكون المجموعة الشمسية منذ ٤.٦ مليار سنة، حيث كانت عبارة عن سحابة مكونة من العناصر الموجودة في الجدول الدوري و الغبار، فيما يعرف بالسديم (nebula). هذه العناصر نتجت من موت نجوم أخرى ثم انتشرت في المكان الذي تقع فيه المجموعة الشمسية اليوم

انضغطت هذه السحابة على نفسها بسبب موجات قادمة من موت أحد النجوم الكبيرة المجاورة – مما أدى إلى تشكل السحابة على شكل قرص، و تكتل معظم السحابة في المنتصف. هذا الانضغاط الشديد جعل الهيدروجين يتحول إلى هيليوم و بالتالي أطلق طاقة عالية جدا كافية لتكون الشمس

على الرغم من أن الشمس تحتوي على ٩٩٪ من مكونات السحابة، إلا أنه كان هناك مواد كثيرة متبقية بدأت هي الأخرى بالتكتل بسبب الجاذبية لتكون الكواكب و الكويكبات و المذنبات

قامت الرياح الشمسية بدفع المكونات الخفيفة بعيدا عن الشمس حيث تكتلت مكونة ما يعرف بالكواكب الغازية (Gas Giant Planets)  و هي المشتري، زحل، أورانوس ونبتون. (أورانوس و نبتون هما صنف فرعي إسمه الكواكب الجليدية)

 أما المواد الثقيلة فقد ظلت بجوار الشمس مكونة الكواكب الصخرية (Terristerial Planets) و هي عطارد, الزهرة, الأرض والمريخ

كيف تكونت الأرض؟

عند بداية تكتل العناصر المكونة للأرض كانت درجة الحرارة عالية جدا وصلت إلى درجه انصهار الحديد. و كان هناك مذنبات كثيرة في هذه الفترة المبكرة من عمر المجموعة الشمسية و كانت تصطدم بالأرض، فقامت بعدة تأثيرات جوهرية في تشكيل الأرض:

١- قامت بدفع الحديد و النيكل إلى الداخل لأنهما مواد ثقيلة مكونة النواة. أما باقي المواد الأخف فقد بقيت ناحية السطح و كونت القشرة

٢- المذنبات ذات الطبيعه الجليديه أحضرت المياه إلى الأرض فتكونت البحار و المحيطات

٣- أحد التصادمات العنيفة أدى إلى انصهار جزء من القشرة و انفصالها عن الأرض – ثم ابتعد الجزء المنفصل عن الأرض و أخذ يبرد و يتكتل مكونا القمر

 و قامت الجاذبية بإبقاء الغازات التي كونت الغلاف الجوي

و ظلت درجه حرارة الأرض مرتفعة مما أدى إلى تحرك دائم لصفائح القشرة – يعني ظهور متكرر لقارات ثم اختفائها. و كلما انخفضت درجة حرارة الأرض كلما استقرت القارات لنحصل على التوزيع الجغرافي الذي نعرفه اليوم

solar system formation

تعالوا نرى ما يقوله الإعجازيون

الحديد لا يتكون إلا في مراحل محددة من حياة النجوم تسمي بالعماليق الحمر، والتي بعد أن يتحول لبها بالكامل إلى حديد تنفجر علي هيئة المستعرات العظام، وبانفجارها تتناثر مكوناتها بما فيها الحديد في صفحة الكون، فيدخل هذا الحديد في مجال جاذبية أجرام سماوية تحتاج إليه مثل أرضنا الابتدائية التي وصلها الحديد الكوني، وهي كومة من الرماد. فاندفع إلى قلب تلك الكومة، بحكم كثافته العالية وسرعته المندفع بها، فانصهر بحرارة الاستقرار في قلب الأرض وصهرها، ومايزها إلى سبع أرضين! وبهذا ثبت أن الحديد في أرضنا، بل في مجموعتنا الشمسية بالكامل قد أنزل إليها إنزالاً حقيقيا كما قال الله في سوره الحديد الايه ٢٥( وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)

الوصف الذي يقوله الاعجازيون عن تكون الأرض بما فيها الحديد غير صحيح بالمرة – الأرض لم تكن رمادا – الأرض كانت تكتل للعناصر المكونة للجدول الدوري كلها – الحديد و غيره. و هذه التكتلات كانت موجودة في سديم المجموعة الشمسية. و الحديد لم ينزل من السماء إلى الأرض – هو كان موجودا أصلا في الشكل الاولي للأرض – و لكن بسبب اصطدامات الأجرام اندفع الحديد و النيكل للأعماق

و هناك بعض المواقع التي تمادت في الكذب و التدليس بأن قالت ان الحديد جاء من النيازك و الأجرام التي كانت تصطدم بالارض. و هذا كلام فارغ. لأنه كما قلنا الحديد كان جزء من تكوين الأرض الأولي و لم يأت لها من الخارج. كان من الأصح علميا أن تقول الآية  و أنزلنا المياه من السماء لأن المياه هي الشيء الوحيد الذي أتت به المذنبات و النيازك إلى الأرض..

الحقيقة أن الحضارات القديمة كانت تعتقد أن الحديد قد نزل من السماء، و لهذا تفسير علمي. فقد عثر المصريون القدماء على صخور من مذنب قديم فيها عنصر الحديد – و كان هذا قبل أن يتعلم الإنسان التنقيب عن الحديد. و كانت هذه الصخور نادرة جدا – و كانوا يستعملونها بمنتهى الحرص لصناعة أشياء صغيرة جدا توضع في المقابر….و لذلك سموا الحديد (المعدن القادم من السماء). هذا هو بالتحديد إسم معدن الحديد في اللغة الهيروغليفية

هذا أن غير أن الإعجازيون يتناسون أمرا مهما جدا – و هو تفاصيل خلق الكون التي وضحتها الآيات في سورة فصلت و نوح

(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ – وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ – ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ – فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) فصلت ٩ -١٢

(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا – وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) نوح ١٦

الآيات واضحة – أن الله خلق الأرض في يومين – ثم خلق جيولوجيا الأرض و ظروف المعيشة فيها في ٤ أيام – ثم السماوات التي المفترض أنها باقي الكون في يومين – ثم النجوم. يعني أن الأرض كانت كامله بما فيها النواة و الحديد الذي بداخلها قبل أن يخلق الله باقي الكون. و لكن افتراض أن الحديد نزل من السماء معناه أن باقي الكون كان جاهزا قبل الأرض و هذا مخالف للآية

طيب ما معني أنزلنا الحديد؟ ببساطة علينا أن نرجع إلى الآيات الشبيهة التي استخدمت نفس الكلمة

 (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ) الزمر ٦

(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا) الأَعراف ٢٦

نحن نعرف أن الأنعام و اللباس لم ينزلا من السماء. إذن هذه الآيات تعني جعلنا أو خلقنا. إذن أنزلنا الحديد يعني خلقنا الحديد. لا يوجد في الآية أي تفصيل أو إشارة تجعلنا نفكر أن لها تفسير مختلف عن آية الأنعام و اللباس. و بالمناسبة هناك الكثير من الشيوخ معترضون على تفسير الاعجازيين لهذه الآية

يحاول البعض المراوغة و يقولون أن الإنزال المقصود هنا هو نزول الحديد من سديم المجموعة الشمسية قبل تكتل الأرض. طيب لماذا ذكرت الآية الحديد فقط؟ كل العناصر التي على الأرض جاءت من سديم المجموعة الشمسية – فلماذا تخصيص الحديد؟ كان من الأصح علميا لو كان هذا هو المقصود أن تقول الآية و أنزلنا جميع العناصر من السماء –

أو ببساطة ينزل لنا الله سورة إسمها الأرض يكون فيها شرح لكل المراحل…

الحقيقة هي أن إنزال الحديد من السماء هو اعتقاد قديم لدى الإنسان لأنه لم يكن قد اكتشف التنقيب بعد. و القرآن فقط كرر هذه الاعتقاد كما قرر خرافات كثيرة أخرى

معلومة أخيرة

الآية تشيد بقوة الحديد و أن الله جعل فيه بأسا شديدا – الظاهر أن الله لم يعرف أن أقوى معادن الأرض هي التنجستن و الصلب و التيتانيوم و الكروميوم و الأزميوم

المصادر

كتاب البدايات – نيل تايسون

موقع ناسا

http://spaceplace.nasa.gov/solar-system-formation/en/

مواقع اخري علميه

http://www.space.com/19175-how-was-earth-formed.html

http://www.universetoday.com/76509/how-was-the-earth-formed/

اعتراضات اسلاميه علي تفسير الاعجازيين

http://www.quran-m.com/quran/article/2308/شبهة-نزول-الحديد-من-السماء

1 Comments

  1. زرقاء اليمامة – كما تقول الأسطورة – اعماها أحد الملوك لانها كشفت خطتهم الهجومية ، و من حينها هي لا تزال عمياء الى اليوم .للأسف.

    إعجاب

    رد

أضف تعليق