قصة مدينتين ٥

وقف الأمير الروماني الشاب جستنيان بجوار عرش عمه الإمبراطور جستين يستمعان للرسالة التي أرسلها الإمبراطور كاباد مع سفيره

ثم انصرف السفير عندما انتهى من تبليغ الرسالة – و هنا ثارت ثائرة جستنيان و غلى الدم في عروقه و قال لعمه: هل جن جنون كاباد في آخر أيامه؟ ما هذه التخاريف التي يطلبها؟ لن يحدث ما يطلبه أبدا إلا على جثتي

لم يكن الأمير الشاب يعرف أنه برفضه هذا، ستبدأ إمبراطوريته فصلا جديدا في منتهى العنف و الدموية في مواجة الإمبراطورية الفارسية – فصلا سيكون الأخير – و ستجري أحداثه الأخيرة في الصحراء – و سينتهي نهاية لم يكن يتخيلها أحد أبدا

طروادة

في عام ٢٤٨م، كانت روما تحتفل بمرور ألف عام على إنشائها. بدأت روما بمجموعة من الفلاحين في ركن منعزل من إيطاليا، و أخذت تنمو و تكبر حتى وصلت إلى أن تكون عاصمة لإمبراطورية مترامية الأطراف تحمل إسمها

كيف أصبحت روما سيدة العالم؟

على الرغم من أن الرومان في بدايتهم قد أراقوا أنهارا من الدماء، و قد اقتبسوا الكثير من حضارتهم و أنظمتهم من الإغريق، و كانوا يعانون من عقدة نقص ناحية الشرق الذي أنجب الحضارات الأقدم، الفارسية و المصرية و البابلية – و حتى النظام الجمهوري الذي اتبعوه قرابة ٥٠٠ عام أسقطه الإمبراطور أغسطس و أعاد النظام الملكي و عين نفسه مبعوثا من الإله – على الرغم من كل هذا، لو سألت أي أحد عن سر تفوق روما، سيقول لك دعم الآلهة. فعالم الماورائيات و عالمنا الذي نعيش فيه توأم سيامي في الوعي الروماني

فمثلا، اعتقد الرومان أن رومولوس مؤسس مدينة روما يعود نسبه إلى طروادة، المدينة المنيعة التي هزمها الإغريق بعد عناء شديد. تقول الأسطورة أن سر صلابة طروادة و صمودها هو أن الإلهة بالاس أثينا، إلهة الحكمة و الحرب العذراء، أسقطت تمثالا لها من السماء – و أسمته إسما مشتقا من إسمها، بالاديوم. هذا التمثال كان هو سر صمود طروادة، لأنه يمنح الأمان للبلد التي يقع فيها. تقول الأسطورة أن الإغريق استطاعوا الحصول عليه، و بالتالي استطاعوا احتلال طروادة – و أخذوه فأصبحت بلادهم منيعة كما كانت طروادة. و لكن هذا التمثال فُقد، و هذا ما جعل الرومان يهزموا الإغريق. و بطريقة ما لا يعرفها أحد، ظهر التمثال في روما و تم عرضه في أحد الميادين المهمة. ، فيما بعد قيل أن قسطنطين قد نقله إلى القسطنطينية و دفنه في الأرض و بنى فوقه عمود قسطنطين

في عام ٢٤٨م، كانت روما تحتفل بمرور ألف عام على إنشائها. و لكن مطلع الألفية الثانية جلب معه خطرين..الأول هو الشعوب البربرية التي هاجمت الإمبراطورية من الشمال

و الثاني صعود المارد الفارسي في إيرانشهر في شرق الإمبراطورية. فقد تزامن مرور ألف عام على إنشاء روما، مع قيام السلالة الساسانية في فارس التي استطاعت استرداد معظم ما كانت تملكه في عهد الأخمينيين. فقام شابور الأول (ابن أرداشاير مؤسس الدولة الساسانية) بطرد جميع الرومان من ما بين النهرين

كان من الصعب على روما مواجهة خطرين في نفس الوقت..فقد حاول الملك فيليب مواجهة شابور، و لكنه فشل و لم يستطع إنجاز أي شيء أكثر من الاتفاق على عدم الحرب. ثم قُتل الملك فيليب بعدما انقلب عليه أحد منافسيه، الذي قُتل بدوره على يد أحد الشعوب البربرية. و في عام ٢٦٠م انتصر شابور في معركة إديسا التي قام فيها بأسر الملك فاليريان. و لم ينس شابور أن يقوم بتوثيق هذه الفضائح في جداريات في مدينة بيرسيبيلوس ليراها القادم و الغادي

و كانت هذه الأحداث أيضا متزامنة مع ظهور الديانة المسيحية و بدء انتشارها في الإمبراطورية الرومانية. كان المسيحيون الأوائل لهم مواقف صارمة باتجاه الوثنية، و كانوا يعتقدون أن التماثيل لا بد أن يتم تحطيمها، و كانوا لا يجدون غضاضة أن يموتوا في سبيل هذا. و طبعا هذا بالنسبة للرومان يمثل لهم إهانة لآلهتهم. و بما أن الدولة كانت تعاني من اضطرابات في جميع الأصعدة، و بما أن رضا الآلهة له ارتباط وثيق بالاستقرار و الرخاء في الوعي الروماني، فقد عزى الناس هذه الاضطرابات لغضب الآلهة من المسيحيين الذين لا يحترمون هذه الآلهة. و هكذا بدأت حملات اضطهاد المسيحيين

و بدأت روما تدخل في حلقة مفرغة من الكوارث – المزيد من الفشل السياسي و الاضطرابات الأهلية أدى إلى صراعات داخلية على الحكم – التي أدت إلى ضعف الدفاع في الحدود الشرقية – الذي أدى إلى محاولة توجيه الجيوش للشرق على حساب الشمال – الذي أدى إلى ازدياد الهجمات البربرية – التي تؤدي إلى المزيد من الفشل السياسي. و كل هذه الحروب و الصراعات أدت إلى انهيار الاقتصاد..فما هو المخرج من هذه الدائرة المفرغة؟

كان لا بد من ثورة في طريقة الإدارة – و هذا ما حدث. فقد قام مجموعة متعاقبة من الملوك بالتحول إلى نظام بيروقراطي هيكلي يمسك بالنفقات بيد من حديد، و يربط كل أجزاء الإمبراطورية المترامية الأطراف بأسلوب إداري صارم. و بالتالي تطورت أساليب إدارة الموارد، و تطور الجيش و أصبح أكثر قوة

كل هذا أدى إلى تحسن الأوضاع – حتى جاء إمبراطور سوف يقوم بتحويل الإمبراطورية تحولا نوعيا

إنه الإمبراطور قسطنطين

روما جديدة

في عام ٣٢٤م نجح قسطنطين في الانتصار على كل منافسيه و أصبح إمبراطورا للشرق و الغرب. و كان مدركا تماما للشيء الذي تحتاجه الإمبراطورية في هذه المرحلة – و هو الترابط و التوحد في جسد واحد. و كانت سياساته جميعها منصبة في هذا الاتجاه

قام قسطنطين بتحويل مدينة بيزنطة إلى عاصمة الإمبراطورية و أسماها بإسمه – و كان هدفه هو أن تكون القسطنطينية هي روما جديدة. الصورة التي على رأس المنشور مخطط للقسطنطينية

و ليس هذا فقط، بل كان يريد القسطنطينية أن تبدو و كأنها تقوم على أنقاض طروادة (كلاهما تقعان في تركيا الحديثة). لم يدخر قسطنطين وسعا و لا مالا في تطوير القسطنطينية على جميع الأصعدة، فبنى فيها القصور و الحصون و الأسوار، و عبد الطرق، و أنشأ قنوات مائية لتوفير مياه الشرب – حتى أصبحت القسطنطينية هي درة التاج الروماني

الصورة التي على رأس المنشور، مخطط للقسطنطينية في أوجها بناء على وصف كتب التاريخ

لم تكن كل هذه المجهودات هباء، بل كانت بالضبط ما تحتاجه الإمبراطورية لتنعم بالاستقرار، و هو أن تُدار من مكان في المنتصف يستطيع ربط الشرق بالغرب

قام قسطنطين بإصلاحات أخرى إدارية و بإعادة هيكلة الجيش، و قام بسك عملات جديدة ظلت قيد الاستعمال قرابة الألف سنة، و أنشأ مجلس شيوخ في القسطنطينية ليحاول إرجاع بعض الخصائص الجمهورية التي فقدتها الإمبراطورية عند رجوعها للملكية

و لكن كان قسطنطين يدرك أنه لا بد من شيء أقوى من كل هذا يوحد الناس. لم ينس قسطنطين أن أهل إمبراطوريته كانوا يعزون تفوقهم إلى العالم الماورائي – إلى رضا الآلهة. فإذا كانت الإمبراطورية قد عانت من الصعوبات في الفترة السابقة، فهذا يعني أن آلهة العالم الماورائي القديم توقفت عن دعمهم – أو أنها ربما لم يعودوا بنفس القوة. لذلك، لا بد من عالم ماورائي جديد يعلق عليه الناس آمالهم في المستقبل – لا بد من إله جديد

كان قسطنطين يبحث بالفعل عن إله يستطيع أن يروج له في الإمبراطورية على أنه من سيدعمهم للمضي قدما في النجاح ليجتمع الناس حوله. كان يفكر في أبولو أو الشمس. و لكنه في يوم ما أعلن أنه قد رأى رؤيا – فقد سمع المسيح و رأى صليبا من النور في السماء – و هكذا اعتنق قسطنطين المسيحية و جعلها أحد الديانات المعترف بها في الدولة، و قام برفع الاضطهاد عن المسيحيين

كان اختيارا حكيما – فالمسيحية سبب انتشارها هو أنها ليست ديانة حصرية، فهي تساوي بين الجميع في الحصول على الخلاص. كل ما هو مطلوب هو الإيمان بالمسيح كمخلص. و هكذا أصبحت انتصارات قسطنطين و إصلاحاته هي إنجازات المسيح – و هو بالضبط المطلوب – أن يكون هناك إله راض عن الإمبراطورية يعطي الأمل للناس فيقوموا بالعمل للمستقبل

و بدأت المسيحية تأخذ شكلا رسميا له هيكل نظامي – و أصبح لكل منطقة جغرافية أسقف يعمل كأنه أب روحي لمسيحيي المنطقة، و يراعي شؤونهم. و يجتمع الأساقفة سويا لينسقوا فيما بينهم ما يجد من أمور

نيقية

و لكن الموضوع لم يكن بهذه البساطة..فاللاهوت المسيحي فكرة معقدة – خاصة عندما يبدأ في نقاشه أشخاص من خلفيات دينية مختلفة و متنوعة كل منها لها لاهوتها الخاص و فلسفتها الخاصة (حتى لو كانت وثنية) مثل أهل مصر و العراق و سوريا و اليونان و روما

فبدأت تظهر خلافات عقائدية جوهرية

 فمثلا رأينا في الجزء الرابع الخلاف الفكري الذي نشأ ما بين اليهودية و المسيحية – و كيف اغتصبت المسيحية الديانة اليهودية

ماذا عن اليهود الذين يرون أن المسيح هو حاخام أو رجل صالح؟ هل نعتبرهم كفرة على الرغم من أن أول توراة مترجمة للسريانية كتبها يهود من هذه الفئة؟ و ماذا عن المسيحيين الذين يرون أنه لا بد أن نقيم شريعة موسى بحذافيرها؟

هل المسيح هو نفسه إله العهد القديم؟

هل مات المسيح على الصليب؟ أم أن شخصا شبيها له هو من مات؟

ما هي الكتب التي يجوز اعتمادها كسيرة للمسيح؟

 و بالتالي بدأ الأساقفة في إيجاد إجابات لهذه المعضلات اللاهوتية – و حاولوا فعلا أن يكونوا متفقين على هذه الإجابات – و بالتالي أصبح هناك ما يُسمى بالهرطقة – و هي الأفكار التي تخالف ما تم الاتفاق عليه فيما بين الأساقفة

و لكن هناك خلافات لم يتم حسمها بالتراضي بين جميع الأطراف – و سببت انشقاقات داخل الكنيسة

من أهم هذه الخلافات، العلاقة ما بين الأب و الإبن – هل المسيح هو إله أقل درجة من الأب (من منطلق أنه ابنه) – أم أنهما متكافئان؟ إذا كانت الأولى، فكيف إذن نقول أننا نعبد إلها واحدا؟ و إذا كانت الثانية، فكيف يكون الأب و الإبن اللذان المفترض أن أحدهما أنجب الآخر متكافئين؟ كان الأسقف آريوس من أنصار الرأي الأول، و لم يوافقه أحد على هذا، فكان مجمع نيقية المسكوني عام ٣١٨م الذي اجتع فيه جميع الأساقفة  و قرروا أن الأب مكافئ للإبن – و تم حرم أريوس و الحكم على أفكاره بالهرطقة

و لكن لم تمت الأريوسية تماما بقرار مجمع نيقية، فقد اعتنقتها الشعوب البربرية و منها القوط – مما أدى إلى استمرار وجود كنائس أريوسية في المناطق الشمالية المتاخمة للشعوب البربرية أو التي كانوا ينجحون في اغتصابها – و هذا سبب انتشار الأريوسية  في أسبانيا

في عام ٣٦٣م، حاول الملك جوليان أحد أحفاد قسطنطين أن يحتل استيفون و يغتصبها من الساسانيين، و لكنه فشل فشلا ذريعا و قُتل، و اضطر خليفته أن يقوم بدفع إتاوة للساسانيين لكي يشتري السلام. هذه الإتاوة أصبحت من أهم مصادر دخل فارس. و تلت ذلك فترة من الهدوء بين الطرفين

في عام ٣٨٠م أصدر الإمبراطور ثيودوسيوس الأول مرسوما يجعل المسيحية هي الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية – و ليست أي مسيحية، إنما فقط مسيحية نيقية (يعني حتى المسيحيون الذين يعتنقون أفكارا مخالفة لنيقية يُعتبروا كفرة). و بعدها بعام، أمر الإمبراطور بإزالة كل المعابد الوثنية

إفيسيس

في عام ٣٩١م، قام الإمبراطور ثيودوس الأول بتقسيم الإمبراطورية إلى شرقية و غربية ما بين أبنائه – و كان هذا آخر عهد الإمبراطورية الرومانية الموحدة. و شيئا فشيئا، انهارت الإمبراطورية الغربية تحت هجمات القوط و الهون و الشعوب الجرمانية. و لكن الإمبراطورية الشرقية صمدت لأن الغربية امتصت صدمة هجمات الشعوب البربرية. و هنا أصبحت القسطنطينية، هي سيدة العالم الجديدة

و لكن الإمبراطورية الشرقية لم تنعم بالهدوء – فقد واجهت تحديات خاصة بها

في عام ٤٣١م، عُقد مجمع إفيسيس الذي تم الحكم فيه على الأفكار النسطورية بالهرطقة. الأفكار النسطورية تقول أن العذارء لا بد أن تُسمى والدة المسيح، وليس الدة الإلة، لأن لقب والدة الإله يُفقد المسيح الطبيعة البشرية. النسطورية تركز على الطبيعة البشرية للمسيح، و هذا هو سبب تغيير إسم العذارء – و هذا لم يرق لمن يريدون أن يركزوا على الطبيعة الإلهية للمسيح. و هكذا انشقت الكنيسة النسطورية عن القسطنطينية

نقاشات النسطورية فجرت نقاشا أكبر و أكثر عنف

خلقيدونية

في عام ٤٥١م تم عقد مجمع خلقيدونية لمناقشة طبيعة المسيح؟ هل هو إله، أم بشر، أم كلاهما؟ هناك  من قال أن المسيح له طبيعة واحدة إلهية تماما – و هناك من قال أن الجسد البشري هو وعاء للروح القدس التي حلت به عندما تعمد، و غادرته عندما صُلب. و هناك من قالوا أن المسيح هو ابن الله بالتبني

هذا المؤتمر حضره ٦٠٠ أسقف من جميع أنحاء العالم. و لكن لم يتم حسم الموضوع ما بين الجميع، و نتج عن هذا المؤتمر الانشقاق الكنسي الأكبر

الكنائس الغربية (و هذا يشمل القسطنطينية) قررت أن المسيح له طبيعتان – إلهية و بشرية – و هما منفصلتان و لكن متواجدتان سويا (مثل الزيت و الماء) و أن الطبيعة البشرية هي التي ماتت على الصليب لأنه لا يمكن أن تموت الطبيعة الإلهية. أما الكنائس الشرقية، فقد رفضت هذه الفكرة، لأن فيها شبهة الرجوع للأفكار الأريوسية، أن الابن لا يكافئ الأب، و بالتالي فإن المسيح له طبيعة واحدة، بعض الكنائس الشرقية قالوا أن هذه الطبيعة هي إلهية خالصة (مونوفيزيقية)، و البعض الآخر قال أن هذه الطبيعة هي خليط متجانس من الألوهية و البشرية بدون أي فصل، تماما مثل الخمر و الماء (ميافيزيقية)

هذا الانشقاق لم يكن على البعد الديني فقط، و لكنه أثر على السياسة. بالنسبة للمسيحيين الذين كانوا يقيمون في ما بين النهرين، كانوا يعانون من اضطهاد الدولة الساسانية لهم، و كانوا يحاولون الابتعاد عن القسطنطينية قدر المستطاع لكي لا يُتهموا بالعمالة. و عندما انشقت الكنيسة النسطورية، تحالفت معها كنيسة إيران التي أصبحت شيئا فشيئا نسطورية. و عندما انشقت الكنائس الشرقية أصبح لا يربطهم أي شيء بالمرة بالقسطنطينية

أميدا

هذه الأحداث تزامنت مع عودة التوتر و الاضطراب فيما بين الأمبراطوريتين

كما قلنا في الجزء الثالث، تولى الحكم الملك كاباد في عام ٤٨٤م و الذي كانت فترة حكمه غاية في الاضطراب لدرجة أنه عُزل عن العرش. قام كاباد بالاستعانة بالهياطلة لكي يعود، و بالتالي أصبح مدينا لهم و أصبح عليه أن يجد طريقة ليسدد بها دينه

طلب كاباد قرضا ماليا من الملك أناستايسس – و لكنه رفض – فقرر كاباد أن يغزو الدولة الرومانية و يستولي على بعض المدن ليستطيع أن يوفر المال المطلوب ليدفعه للهياطلة. و في عام ٥٠٢م، قام بالاستيلاء على مدينة أميدا و ثيودوسيبوليس

في عام ٥٠٦م، قام الطرفان بعقد اتفاقية سلام لأن كلاهما كان مشغولا بمحاربة الشعوب البربرية – فالرومان هاجمهم السلوفان و البلغار في منطقة البلقان، و الفرس هاجمهم الترك. و كانت الهدنة تقتضي إعادة أميدا في مقابل مادي

في عام ٥١٨م، بدأ كاباد في مناقشة عرض جديد مع الملك جستين و ابن أخيه جستنيان الذي كان مستشارا له

****

وقف الأمير الروماني الشاب جستنيان بجوار عرش عمه الإمبراطور جستين يستمعان للرسالة التي أرسلها الإمبراطور كاباد مع سفيره

ثم انصرف السفير عندما انتهى من تبليغ الرسالة – و هنا ثارت ثائرة جستنيان و غلى الدم في عروقه و قال لعمه: هل جن جنون كاباد في آخر أيامه؟ ما هذه التخاريف التي يطلبها؟ لن يحدث ما يطلبه أبدا إلا على جثتي

فرد عليه الملك جستين: كاباد يريدني أن أتبنى ابنه خسرو. كاباد يريد أن يتخطى العُرف السائد لديهم الذي يقول أن الابن الأكبر هو الذي يرث الملك. و لكن كاباد يعلم أن ابنه الأكير يعتنق الفكر المزداكي الاشتراكي و الذي لن يقبله أحد و الذي سيؤدي إلى حروب أهلية – و لذلك هو يريد مساعدتي في دعم ابنه الآخر خسرو

فقال جستنيان: فلنرد عليه بالرفض. أنا لن يكون لي أخ بربري مثل خسرو

فرد عليه عمه: و لكن هذا بالتأكيد سيؤدي إلى انفساخ الهدنة التي عقدناها

فقال جستنيان: فليكن

جستين: و لكن كاباد لديه العرب يساعدوه – هل نسيت ما فعله جيش المنذر في معركة أميدا؟ أعتقد أن ما حدث سيظل كابوسا يتذكره الناس لقرون عديدة ستأتي. لا يجب أن نستهين أبدا بالمنذر، فهو لم يتوقف عن مهاجمة حدودنا – لقد قام للتو بأسر نبيلين رومانيين من إديسا و نحن لم نحل هذه المشكلة بعد

جستنيان: لا تنس أن إثيوبيا بدأت تسيطر على حمير في جنوب الجزيرة العربية – و هم مسيحيون فسيكونون أحلافا لنا و ليس للفرس. و هذا سيجعل لنا سيطرة على البحر الأحمر و موانئ الجنوب. عامة، إن كان كاباد لديه المنذر يساعده، فنحن لدينا الغساسنة…..

****

مقتبس من كتاب

In The Shadow Of A Sword – Tom Holland

و بالرجوع إلى موسوعة الإمبراطورية الرومانية

أضف تعليق